السعداء في الارض

توقفت ساعات الزمن , وتجمدت الدماء في العروق , واصبح الكون فراغ لا متناهي , بلا لون او بحر او ارض او سماء , اختفى جميع الناس , لا حدود ولا بلدان , ولا احتلال ولا محتل , ولا ظلام او نهار , مجرد فراغ كأنه , فضاء بلا معنى او لون , ولا عبير او أريج او همسات او نسمات , صمت اكبر من القدرة , على التحمل , ولكن لا وعود او امل او حلم , لا كذب او وفاء او امل , المشاعر والاحاسيس تبخرت , والعمر اصبح كقطار يحسب سنين العمر , ويسرق ما تبقى من حياة , والقطار ساكن بلا حراك او ركاب , كأنه مقبرة تحمل بقايا جثث هامدة بلا ارواح او قلوب , وكأنها في احدى غرف العناية المركزة , في مشفى مهجور , تنبض بطرق اصطناعية , كطبول جافة تحركها الرياح , في يوم صيف شديد الحر , وبلا نسمة هواء , ملائكة الرحمن في السموات , والارض , والبحر , مندهشة بما حصل , لا تستطيع سؤال الخالق , ماذا حصل ولماذا هذا الصمت والفراغ الامتناهي , ملائكة الموت , توقف عملها , وكيف لها ان تقبض ارواح من لا روح لهم , وقفت امام هذا المشهد بكل ما فيه , والدمع متجمد في عصب العين , والكلمات كصبار في صحراء , يبحث عن قليل القليل من المياه , لعله يجد مخرجا او منفذا للحياة , نظرت الى ديوان شعري , فوجدته اصبح صفحات صفراء , تبخرت الكلمات منه , نظرت الى دواة الكتابة , فاذا هي جافة , بلا حبر او مداد , رجعت الى الاغاني الحزينة او السعيدة , فوجدت موسيقى صامتة بلا كلمات او ايقاعات , حلقت من خلال روحي , ما بين مكان الصخرة المشرفة والاقصى المبارك , فسمعت أنين وهمس , حاولت ان اعرف , ماذا ... او ... من ... او .... لماذا ... او ... كيف .... صمت ... الانين ... وسكنت الهمسات .... ذهبت للمقابر ... فوجدت ... الرحمة ... وشعرت براحة .... لم اشعر بها في عالم الاحياء , وأنذاك ... نمت قرير .... العين .... ولا اعلم ... هل ... هذا حلم يقظة ... او واقع في عالم ... بعيد ... لا يراه .... الا ... السعداء في الارض .